كيف تطلق مشروعك الريادي بنجاح؟

لا شك في أنَّ إطلاق المشروع الريادي، يُعد رحلة شاقة، ومحفوفة بالمخاطر مع نسبة عالية من الفشل؛ إذ تشير كثير من الإحصائيات إلى أنَّ مشروعًا واحدًا فقط من أصل ١٠ مشاريع، ينجح في الاستمرار، بينما تفشل المشاريع الباقية في أوقات مختلفة، خلال فترة حياتها.

في البداية، يجب التفريق بين المشاريع الريادية Startup والمشاريع الصغيرة Small Business؛ فالأولى تعني إطلاق فكرة عالية الخطورة، قابلة للتوسع بشكل منخفض التكاليف لجمهور غير معروف؛ لأما الأخرى – المشاريع الصغيرة- فهي إطلاق فكرة تقليدية قليلة الخطورة لجمهور معروف، دون إمكانية توسيع المشروع باستخدام قليل من الموارد.

كان تطبيق إنستجرام يخدم ٣٠ مليون مستخدم في عام ٢٠١٢، ثم اشترته شركة فيسبوك بمليار دولار، في وقت كان عدد موظفيه ١٣موظفًا فقط، فلك أن تتخيل كيف تمكَّن التطبيق من النمو بذلك الحجم، بعدد قليل جدًا من الموظفين!

تخيل الآن، أن لديك عربة طعام تخدم يوميًا ١٠٠٠ عميل فقط، فإن أردت زيادة عدد المستخدمين إلى الضعف، فعليك شراء عربة جديدة، وتوظيف طاقم جديد. هذا هو الفرق بين نمو المشروع الريادي، ومثيله الصغير.

ليس الإبداع شرطًا في المشاريع الريادية كما هو شائع، فقد تكون فكرتك، نسخة من فكرة موجودة في دولة أخرى؛ ما يعني أنه لا إبداع فيها، بينما يمكن للمشاريع الصغيرة، أن تكون إبداعية؛ كأن تبيع طعامًا صحيًا في عربة طعام، فهذه الفكرة كانت إبداعية عندما استخدمت لأول مرة، لكنَّ ذلك لم يحول الفكرة إلى ريادية، فعربة الطعام لا يمكن توسيعها إلا باستخدام كثير من الموارد المالية والبشرية.

لذلك، فإن استخدام قوانين إطلاق المشاريع الصغيرة على الريادية، يتسبب في الفشل الأكيد للمشروع الريادي؛ ما دفع كثيرًا من الباحثين إلى وضع قوانين جديدة، كان أهم المفاهيم المترتبة عليها: مفهوم الإدارة اللينة Lean Startup، الذي يقلل من نسبة فشل المشروع الريادي (أو يقلل على الأقل من تكاليف فشله)؛ عبر وضع آلية منتظمة لاختبار الفكرة وتجربتها وتعديلها بشكل سريع ومتكرر، قبل ضخ مزيد من الأموال فيه. وبذلك، يمكنك معرفة أن فكرتك سيئة، وأنها ستفشل سريعًا بعد إنفاق ١٠٠٠ ريال مثلًا، بدلًا من أن تفشل فشلًا كبيرًا بعد ضخك استثمارًا كبيرًا كمبلغ ١٠٠ ألف ريال مثلًا.

تأسيس المشروع

لتأسيس مشروع ريادي بسهولة، هناك خريطة تساعد رائد الأعمال على ذلك بشكل متسلسل، وعبر خطوات تبدأ بمرحلة الفكرة؛ وذلك ببناء نموذج عمل لفكرتك Business Model Canvas.

يساعد هذا النموذج- الذي وضعته إحدى منصات ريادة الأعمال- في تحويل فكرتك، إلى مفهوم مشروع ريادي متكامل، ويجعلك تتعرف بشكل أفضل على عملائك المستهدفين وآليات الوصول إليهم، والحفاظ عليهم، وإيجاد طرق لتأسيس المشروع، وما تحتاجه من موارد، فضلًا عن التكاليف المطلوبة، وكيفية الحصول على الإيرادات والأرباح.

 

ملاءمة فكرتك للسوق

يتوقف كثير من رواد الأعمال عند هذه الحد، مع العلم أن نموذج العمل هو الخطوة رقم صفر في مشروعك؛ إذ يبدأ العمل الحقيقي بعد بناء هذا النموذج، بعمل سلسلة من الاختبارات والتجارب، تهدف في النهاية إلى التأكد من مدى ملاءمة فكرتك للسوق Product/ Market fit.

تبدأ هذه الاختبارات أولًا باختبار المشكلة Problem tests؛ لتتأكد من وجودها لدى عدد كاف من المستهدفين، ثم اختبار الحل Solution tests؛ لتتأكد من كونه مناسبًا أم لا. وفي النهاية تعرف مدى الملاءمة بين السوق ومنتجك، وبناء عليه تقرر الاستمرار، أو التوقف.

بناء منتج مصغر

ولتسهيل هذه الاختبارات، ظهر مفهوم يسمى “أصغر مُنتج قَيّم” Minimal Viable Product MVP؛ حيث نقوم ببناء منتج مصغر، يساعدنا لاختبار المشكلة أو لاختبار الحل أو للتأكد من ملاءمة المنتج للسوق. وهو يتراوح من مجرد استبانة مصغرة إلى منتج مكتمل يحوي أقل ميزات ممكنة؛ وبذلك يمكن أن يكون هذا المنتج أحد الصور التالية:

مقابلة عملاء Interviews.

صفحة وصول Landing Page.

نموذج أولي Prototypes.

فيديو توضيحي Explainer Videos.

حملة تمويل جماعي Crowd Funding Campaign.

موقع يدوي Manual Website.

 

مرحلة التجهيز

عند اجتياز مرحلة التجارب والوصول لملاءمة أولية بين المنتج والسوق، ننتقل لمرحلة التجهيز.

في هذه المرحلة، نبدأ بتجميع مواردنا لبناء منتجنا النهائي، بأقل المميزات لنطلقه في أسرع وقت، مع وضع خطة للتسويق (اختراق النمو Growth Hacking) وتسعير المنتج بالشكل المناسب، ووضع المقاييس الهامة التي سنراقبها طوال فترة حياة المنتج؛ لنتأكد من نجاحه، مع إجراء دراسة مالية للمشروع باستخدام النموذج المالي Financial Model ؛ إذ لا تكون دراسة الجدوى مناسبة عادة في المشاريع الريادية).

إطلاق المنتج

وبمجرد تجهيز المنتج، تبدأ المرحلة الأخيرة؛ وهي إطلاق المنتج.

في هذه المرحلة نصل للحظة الأساسية التي انتظرناها بشغف؛ لحظة إطلاق المشروع، وتنفيذ الخطط التي وضعناها سابقًا.

ولأن المشروع الريادي يُطلق لجمهور جديد، فسنقوم بعمل كثير من التغييرات عليه بعد إطلاقه؛ لأننا سنقابل عملاء بشكل مستمر؛ لنتأكد من رضاهم عن المنتج ومعرفة ملاحظاتهم، كما نقوم بعمل التحديثات المناسبة، ونتأكد دومًا من ملاءمة المنتج للسوق، مع إجراء التحديثات المناسبة على الخطط التي وضعناها.

إنَّ النجاح حتى هذه النقطة يعني أن الوقت قد حان لتبحث عن مستثمر مناسب يعطيك التمويل المناسب؛ لتقوم بتكبير مشروعك وتضخيمه؛ لتتمكن من التوسع وخدمة عملاء أكثر ومناطق أكبر.

كانت هذه هي الخطوات التي عليك اتباعها لإطلاق مشروعك الريادي، الذي نتمنى أن يغير العالم. لا تخف من كثرة الخطوات، فهي ستبدو بسيطة، عندما تباشر التنفيذ، وتبدأ العمل.

د.أمجد الجنباز

مدرب في منصة حرابيء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *